أشجع العرب والعجم في زمانه:
الفارس .. "ابن فتحون" :
كان الرومي إذا سقى فرسه ولم يشرب ، يقول له: «ويلك لم لا تشرب؟ هل رأيت ابن فتحون في الماء» !!
![]() |
فارس عربي |
"ابن فتحون" أشجع العرب والعجم في زمانه ، وكان من أشهر فرسان الأندلس ، وكانت جيوش الروم تهابه وتعرف منه الشجاعة وتخشى لقاءه ، حتى الخيول كانت تهابه.
إنه الفارس الصنديد والليث العنيد المجـ ـاهد "أبو الوليد بن فتحون".
كان في أيام "المستعين بن هود"
أمير (سرقسطة) إحدى أمهات مدن الثغور في الأندلس الشمالية ، في أواسط القرن الخامس الهجري.
وكان "المستعين بالله" يكرمه ويعظمه ويجري له في كل عطية خمسمائة دينار ، فحسده نظراؤه على كثرة العطاء ، ومنزلته من السلطان ، فوشوا به عند "المستعين بالله" ، فأبعده ومنعه من عطائه.
خرج الخليفة "المستعين بالله" بنفسه في معركة كبيرة مع جيوش الروم ، وعندما التقى الصفّان ، خرج أحد أبطال الجيش الرومي وطلب المبارزة ، فخرج له أحد المسلمين ، فتعاركا قليلاً ثم قـ ـتله الرومي.
وقف الرومي متبخترًا يطلب مبارزًا آخر من المسلمين ، فخرج له مسلم ثان ٍ، فقـ ـتله الرومي أيضًا ، ووقف بين الصفّين بتبختر وقال للمسلمين: «من يبارز؟» ، فلم يخرج أحد ..!!
قال الرومي بتكبر وتبختر: «فليخرج اثنان ، فليخرج ثلاثة» ، فلم يخرج أحد ، إشتدّ الأمر على المسلمين وارتفعت معنويات الروم.ڜڜ
فشاور "المستعين بالله" قواده ووزرائه ، فقالوا: «ما لها إلا أبو الوليد ابن فتحون».
فناداه "المستعين بالله" ، وتلطف به ، وقال له: «يا أبا الوليد ، لقد رأيت ما فعل بنا هذا الكافر ، فأكفِ شرّه عن المسلمين».
فقال "ابن فتحون" : «الساعة أكفي المسلمين شره إن شاء الله».
فلبس قميص كتان ، وخرج وهو راكب فرسه بلا سلاح ، وأخذ بيده سوطاً طويلاً ، وفي طرفه عقدة معقودة.
فإندهش الرومي !! ، كيف يخرج وليس معه سيف؟!.
وقف الإثنان أمام بعضهما ، ثم بدأت المبارزة بينهما ، أصاب الرومي سرج فرس "ابن فتحون" ، لكن "ابن فتحون" قفز على رقبة فرسه ، ثم نزل منها وركب فرسه مرة أخرى وأرسل بسوطه على الرومي ، فالتف السوط على رقبة الرومي ، ثم سحبه "ابن فتحون" بشدة فأقتلع رأس الرومي وسقط على الأرض.
أخذ "ابن فتحون" رأس الرومي ، وجاء به يجره حتى ألقاه بين يدي "المستعين بالله" ، فقام المسلمون بالتكبير وإرتفعت معنوياتهم ، أما الروم فتحطمت معنوياتهم وإنهزموا في تلك المعركة.
فعلم "المستعين" أنه كان قد أخطأ في صنعه مع "أبي الوليد بن فتحون" ، فأعتذر إليه ، وأكرمه ، وأحسن إليه ، وبالغ في الإنعام عليه ، ورده إلى أحسن أحواله ، وكان من أعز الناس إليه.
وأصبح الروم يخافون من "ابن فتحون" خوفًا شديدًا ، حتى إن أحدهم إذا أراد أن يسقي فرسه فأبت الشرب ، قال لها: «هل رأيتِ ابن فتحون في الدلو؟».
المصدر :
- سراج الملوك - الإمام الطرطوشي.